السبت، 12 أكتوبر 2013

البداية و النهاية



أسير علي كوبري قصر النيل و المطر ينهمر بغزارة ، الأرض يسمع وقع المطر عليها كأيادي صغيرة تصفق و كقدمي راقص علي رأسي  ، من مجنون يسير في هذا الوقت العاصف ؟ ، عزيزي السائل لم اسير في هذا الموقف العاصف بل كان مغيما لا يوحي بالمطر الشديد عندما بدأت هذا المشوار الأحمق ، ملعون من يريد ان يقابل صديقه في كافيه من المفترض انه لا يغلق الا في وقت متأخر ، الوقت ، لابد ان الساعة متوقفة علي العاشرة منذ ساعتين
-أخرج مامعك من نقود .. يقولها ملوحا لي بمطوته التي اصبحت رمز كل لص، لم اضحك لم ارتعد خوفا لم اظهر اكثر من علامات السخرية تلك الابتسامة التي احتلت نصف وجهي حينها قال 
- انا لاامزح ، قالها بصوت فيه ثقل لكن ليس ثقل الصوت هو ما ضايقني و انما خفة اليد الذي استطاع بها ان يجرحني في رأسي قبل ان ينهي تلك الجملة ، حينها امسكته من ياقته جيدا و قلت له 
- اذا اردت ان تفعل شيئا فنفذه لاتكن مثل حال البلد ...جعجعة ولا شئ يذكر ، صراخ تحت انقاضه فراغ .

فراغ كلمة قيلت في ثانية وهي نفس الثانية التي اخذها لتطير من عينيه نظرة توحي انه احس بجنوني و التي هبطت في الثانية التي تجاورها مطوته في ضلعي الأيسر لتستقر هناك و ركض ، ركض و ترك سلاح جريمته بين يدي الضحية ، لماذا انا محاط بالأغبياء حتي من يريدون اذيتي او يقدموا عليها ! ، و يالها من اذية اتخيل عنوان الخبر -مصرع شاب في الخامسة و الثلاثين من عمره علي يد اللص و اللص يقول انه مجنون -  ياله من لص تعس في اليوم الذي يجد فيه شخصا يبدوا عليه الضعف و انه بسيط يرتكب جريمة قتل بدلا من مجرد سرقة ، لو ان الضباب قد خيم علي بصيرته لتركني امر بسلام و ما حدث ما حدث

ضباب .. كل شئ بدأ يبدو ضبابيا تلك الألوان الصفراء التي تسكن المصابيح بدأت تتمازج مع لون الكوبري الأخضر لأسمع سوي صوت المطر و بدأ يخف شيئا فشيئا ، رفعت رأسي الي السماء حتي اري منبع المطر لمرة اخيرة فكلنا عندما نفارق اي شئ لا بد من نظرة اخيرة لتوديعه حتي بدأت صورة مزعجة تنهي كل تلك الفقرة الأشبه الي اللحظة السينمائية الكاملة ، صورتي  وانا في الثامنة و لكن بملامح اقسي بعنين اكثر حدة و كأنه جسدي و انا في الثامنة لكن عقلي الحالي ..امعقول قد حكم علي ان اقضي اخر لحظة و انا يائس و  مجنون امام نفسي .

- انت لست مجنونا و تلك ليست اخر لحظاتك قالها بنبرة هادئة تقرب الي الهمس و برغم هذا الضجيج اسمعه بكل وضوح ،حينها نظرت اليه و قد ملئت عيناي بكل علامة استفهام وجدت بداخلي 

-مازال لديك الكثير انت.. ، حينها قاطعته 

- ارجوك اعفني من منطقك و طاقاتك الإيجابية السخيفة فقد كررتها لثلاثة عشر عاما  و بماذا افادتني لا شئ 
ماذا اعطاني المنطق لا شئ فقط اهداني حفنة من اليأس تكفيني لأن اري ان تلك نهايتي ، انت لا تعلم ماذا تعني النهاية ان تري نهاية كل حديث مجرد صمت منقطع ، ان تري نهاية كل وجه قابلته مجرد فراق مهما طال الزمن بين تلك النقطتين فلا بد انك ستصل لتلك النقطة الأخري لا محالة اما بسبب عمل او شئ اخر يشغلك ، ان تري كل صديق تعرفه يتغير بينما انت مازلت تحتفظ بتلك العينين التي تراقبهم و بذلك السجل الذي يسمي الذاكرة الذي اصبح دائرة مغلقة لا يكرر سوي ذكرياتك و انت صغير او ذكرياتك مع اي شئ ان تري نهاية عقلك اما الجنون او الخرف ان تري النهايات حتي تصبح في حالة من ملل من البدايات و لا تبحث حتي عنها و ينتهي الأمر بأن تجلس و بداخلك سؤال ماذا افعل ؟  

- ماذا افعل ؟ قلتها و انا انظر اليه و بداخل عيني دمعة لم اعلم ان كان سيميزها بين المطر ام لا ... 
مسح دمعتي و تقبع علي وجهه ابتسامة صغيرة كأنه كان يعلم مجري الحديث و قال 
- مازال لديك هذا الصدئ و هذا ، وضع يده علي صدري ثم نقلها لتستقر علي جيبي ثم انصرف
لم افهم تلك الكلمتان حتي رن الهاتف في ذلك الجيب ، اخرجته بأخر قدر من الحركة و فتحته 
_ اين انت ؟!!  ساعة انتظرك امام محطة الاوبرا 
- تامر .. اذا تحركت الي كوبري قصر النيل .... فستجد شابا بقميص ابيض و الدم من حوله ..لا تقلق ..فهذا انا .
القيت هاتفي و  يدي علي قلبي اشعر بنبضاته و كانت سترتسم ابتسامة علي وجهي لكن فقدان الوعي باغتني 
.
.

اللعنة 

هناك تعليقان (2):